كشفت وزارة العدل السعودية عن أن عدد قضايا التجسس المنظورة في المحاكم السعودية بلغت ست قضايا على مدار الأعوام الـ17 الماضية.
وأشار إحصاء رصدته «الحياة» من بيانات وزارة العدل، إلى أن خمس قضايا من القضايا الست نظرتها المحاكم في عام 1434هـ، بواقع أربعة سعوديين، ووافد، موضحاً أن القضية السادسة نظرت في العام الماضي لوافد ثبت عليه التجسس ضد المملكة لمصلحة دولة خارجية.
وأبلغ قانونيان تحدثا لـ«الحياة» أمس، بتراوح العقوبات المحددة في النظام القضائي بين القتل تعزيراً، أو السجن مدة طويلة، أو غرامة مليون ريال، أو جمع العقوبتين الأخيرتين سوياً.
وبحسب المستشار القانوني محمد الجذلاني خلال حديثه لـ«الحياة»، فإن النظام يحدد مفهوم جريمة التجسس عند إطلاقها بأنها إفشاء الأسرار ونقل المعلومات الأمنية والسياسية الخاصة بالدولة إلى دولة أو أطراف خارجية معادية.
وأشار الجذلاني إلى أن هذه الجريمة تعدّ من الجرائم الموجهة إلى أمن الدولة وسلامتها واستقلالها كونها موجهة ضد كيان الدولة والمجتمع، وليست جريمة فردية، مضيفاً: «على هذا الأساس تعتبر من جرائم الحق العام، ويتولى التحقيق فيها هيئة التحقيق والادعاء العام بحسب اختصاصها».
وحول العقوبات التي تنتظر من يخون أمن الوطن، قال الجذلاني: «في المملكة معلومٌ أن القانون المطبق هو أحكام الشريعة الإسلامية، وأنه ليس لدينا قانون عقوبات أو تقنين لأحكام العقوبات، إلا في بعض الجرائم التي صدرت لها أنظمة، وليست جريمة التجسس من هذه الجرائم، فتبقى المرجعية فيها إلى أحكام الشريعة الإسلامية».
وأفاد بأنه بناء على ذلك تكون العقوبة الأساسية لجريمة التجسس خاضعة لتقدير القضاء وفق أحكام الشريعة الإسلامية، «وهي من العقوبات التعزيرية التي قد تصل إلى حد القتل تعزيراً، أو السجن مدة طويلة لأنه لا يوجد في القضاء السعودي أحكام بالسجن المؤبد».
إلا أن الجذلاني أوضح أن عقوبة هذه الجريمة تختلف بحسب الأحوال والظروف المحيطة بها، مثل أن تكون حدثت في زمن الحرب أو الظروف الأمنية الصعبة، أو حدثت في زمن الأمن والسلم والاستقرار.
من جهته، أرجع الباحث في مرحلة الدكتوراه في الأنظمة في الجامعة الإسلامية المحامي علي الغامدي في حديثه لـ«الحياة»، إطلاق جريمة التجسس على المتهم بالتجسس إلى معلومات سرية وإفشائها، أو الدخول أو الشروع بالدخول إلى مواقع غير مسموح له بدخولها بقصد الحصول على وثائق أو معلومات سرية.
وقال الغامدي: «كما تتمثل أعمال التجسس في الحصول بأية وسيلة غير مشروعة على وثائق أو معلومات سرية من طريق عمله أو وظيفته، وأفشاها أو نشرها من دون سبب مشروع نظاماً».
وبحسب الغامدي، فإن من ضمن الأعمال المصنفة كأعمال تجسس إتلاف وثائق سرية عمداً أو إساءة استعمالها «وهو يعلم أنها تتعلق بأمن الدولة أو بأية مصلحة عامة بقصد الإضرار بمركز الدولة العسكري، أو السياسي أو الديبلوماسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، أو أخلّ بالمحافظة على سرية المعلومات والوثائق». واستند الغامدي بذلك إلى نظام عقوبات نشر الوثائق والمعلومات السرية وإفشائها.
وأكد المستشار القانوني أن النظام الصادر في عام 1432هـ، لاسيما المادة الخامسة، تبين أن المتهم بالتجسس يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 20 سنة أو بغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بهما معاً».
ويضيف الغامدي أن من اشترك في أي من الجرائم الواردة في هذا النظام يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة (الخامسة)، ويعدّ شريكاً في الجريمة كل من اتفق أو حرض أو ساعد على ارتكابها مع علمه بذلك إذا ارتكبت الجريمة، بناء على هذا الاتفاق أو التحريض أو المساعدة - بحسب ما ذكرت المادة السادسة.
ولفت الغامدي إلى مراعاة المادة السابعة عند تطبيق العقوبة الواردة في المادة (الخامسة) من هذا النظام- للتناسب بين الجريمة والعقوبة، مع مراعاة الظروف المخففة والمشددة للعقوبة.
وبيّن أن الظروف المشددة للعقوبة تتمثل في ارتكاب الجريمة في زمن الحرب لمصلحة دولة أجنبية، أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها بأية صورة وعلى أي وجه وبأي وسيلة، سواء بطريق مباشر، أو غير مباشر، إذا كانت الوثيقة أو المعلومة مهمة وذات درجة سرية عالية، إذا كان الضرر الذي أصاب الدولة بسبب إفشاء الوثيقة أو المعلومة السرية جسيماً، إذا ارتكبت الجريمة بقصد الإضرار بالدولة، إذا ارتكب الجريمة من يشغل وظيفة ذات طابع سري، وإذا ارتكب الجريمة من يشغل وظيفة عليا.
وبالعودة للجذلاني الذي نبّه إلى أن هذا النوع من الجرائم اتفقت أكثر القوانين الدولية على التعامل معه بأشد أنواع العقوبات التي تدور بين الإعدام أو السجن المؤبد في غالب الأحوال، وبعض الدول تزيد مصادرة أموال وأملاك الشخص الذي يدان بالتجسس». وأضاف: «هذا النوع من الجرائم لا يشمله العفو، ويجري محاكمته في أكثر الدول بجرائم أمن الدولة والإرهاب».